لا أمل في إصلاح سياسي دون إصلاح ديني – قنطرة العالم الإسلامي

لا أمل في إصلاح سياسي دون إصلاح ديني – قنطرة العالم الإسلامي

فرض المفكر الإسلامي السوري الدكتور محمد شحرور نفسه على الساحة الثقافية الإسلامية بقوة منذ صدور كتابه الموسوعي “الكتاب والقرآن ـ قراءة عصرية” الذي طرح فرض المفكر الإسلامي السوري الدكتور محمد شحرور نفسه على الساحة الثقافية الإسلامية بقوة منذ صدور كتابه الموسوعي “الكتاب والقرآن ـ قراءة عصرية” الذي طرح فيه نظرة جديدة للإسلام من خلال المنهج اللغوي كما دعا فيه إلى فقه جديد في قضية المرأة المسلمة. وقد تعرض شحرور في الآونة الأخيرة إلى حملة إعلامية شديدة وصلت إلى حد المطالبة بمحاكمته بسبب ما اعتبر انتقاص من شأن الرسول ومن أحكام إسلامية وردت في القرآن والسنة. في الحوار التالي يطالب شحرور بإصلاح ديني جذري في العالم العربي

دكتور شحرور، كيف يبدو العالمان العربي والإسلامي بعد ثلاث سنوات من أحداث 11 أيلول/ سبتمبر؟

د. محمد شحرور: طرحت في عدة كتابات لي أننا بحاجة إلى إصلاح ثقافي – ديني قبل الإصلاح السياسي، لأن الأفكار الفقهية الموروثة وُضعت عندما كان للإسلام القوة العليا وكانت الدولة العربية الإسلامية أقوى دولة في العالم. والإصلاح الثقافي الذي نحن بحاجة إليه، يجب أن يكون إصلاحاً دينياً بالأساس. يجب أن يطال كل هذه المقولات التي بُنيت عليها اجتهادات الذين قاموا باعتداءات الحادي عشر من أيلول / سبتمبر.

أعتقد أن الإنسان المسلم العادي يعلم أن قتل النفس حرام. ومع ذلك هناك من يجرؤ على قتل النفس أو قتل مجموعة من الناس. إذن يجب أن يكون لديه دليلاً شرعياً معتبراً حتى يقوم بهذا العمل. فإلى الآن لم تُناقش هذه الدلائل الشرعية التي يعتمد عليها هؤلاء الناس وتُفنّد. وإلى الآن لم نر أن أياً من العلماء المعتدلين أو الوسطيين الذين لا يؤمنون بهذه الأعمال العنيفة يواجه أمثال بن لادن أو الظواهري علناً على شاشات التلفزة ويُفند آراؤهم وأعمالهم ويقول صراحة إنها حرام في الإسلام.

لا أعتقد أن هذا حصل إلى الآن. ولا أعتقد أنهم قادرون على فعل ذلك لأن المراجع التي تُدرّس في الأزهر وفي السعودية هي نفس المراجع التي يعتمد عليها بن لادن وأيمن الظواهري، أؤكد لك أنها نفس المراجع، ولكنهم انتقائيون، هذا ينتقي ما يريد وذاك ينتقي ما يريد.

وبدون إصلاح ديني جذري في العالم العربي، كالذي نادى به مارتين لوتر، لا يمكن أن تسير الأمور. نحن نسير في طريق مسدود تماماً وفي نفق مظلم. علينا أن نعيد النظر في الأساسيات. يقولون إن الاجتهاد مسموح وأقول “نعم” ولكن علينا أن نعيد النظر في الأساسيات. ويقولون إنّ ثوابت الدين لا يعاد النظر فيها. أما أنا فأقول إنّه يجب أن يعاد النظر في ثوابت الدين وتدرس من جديد. بدون هذا لا أمل لنا، لأننا ما زلنا نعيش في الماضي، على آراء الغزالي والشافعي وغيرهما من الفقهاء الذين ماتوا قبل أكثر من ألف عام. لذلك أقول وأكرر: بدون إصلاح ديني لا أمل في الإصلاح السياسي.

هل تعتقد أن أحداث 11/9 وتداعياتها في أفغانستان وغيرها قد قوت التيار المتشدد أو الإرهابي في الإسلام على حساب التيار المعتدل؟

د. محمد شحرور: قوته إعلامياً. ولكن هناك تيار عقلاني مؤسس في العالم العربي. وأظهرت أحداث 11/9 لكثير من الناس أن تياراً عقلانياً وإعادة النظر في الفقه الإسلامي كله أصبحت ضرورة ملحة. وأن قيم الحرية والحياة هي قيم ما زالت ضعيفة عندنا. وبدأ الناس يعلمون أن ما يقوم به الإسلاميون المتشددون في أفغانستان وفي العراق يقود إلى طريق مسدود ونفق مظلم لا نهاية له، لأنهم بهذه الأفكار لا يمكن أن يحرروا بلداً.

الولايات المتحدة والدول الغربية طرحت مشاريع إصلاحية على الدول العربية والإسلامية كتغيير المناهج المدرسية وغيرها. كيف تنظر إلى هذه المسائل كمفكر إصلاحي؟

د. محمد شحرور: بما أن رجال الدين المعتدلين في السعودية والأزهر عاجزون عن مقابلة أيمن الظواهري وأسامة بن لادن فكرياً، فكيف يمكن لهم أن يغيروا مناهج؟ تغيير المناهج وخاصة المدرسية يتطلب إعادة نظر في الدين الإسلامي كله. سأعطيك مثالاً: نحن إلى الآن، تقريبا كل أسبوع، نسمع حديثاً أننا هزمنا لأنّ الله أصابنا بالوهن. والوهن هو حب الدنيا وكراهية الموت. أي أنّ على كل إنسان يحب الحياة ويكره الموت أن يشعر بالذنب. أنا أحب الحياة فأنا مذنب. هذه أصبحت ثقافة تُدَّرس ليس من قبل بن لادن والظواهري فحسب، بل من قبل كل رجال الدين على الإطلاق، ونسمعها كل أسبوع في محطات التلفزة، كما لو أنها أمر عادي تماماً.

هل تعتقد أن المشكلة هي في بن لادن والظواهري أم في التيار السلفي الذي يغذي هذه المجموعات المتطرفة؟

د. محمد شحرور: التيار السلفي على ماذا يقوم؟ يقوم على أساسيات وأطروحات دينية لم يتم تفنيدها من قبل المؤسسة الدينية الرسمية. وهذه مشكلة، لأنّها تسمح للتيار المتشدد بكسب المزيد من الأتباع. أعود وأكرر أن الإنسان المسلم العادي يعلم أن قتل النفس حرام. ولا يقتل إلا إذا كان هناك مبرر شرعي معتبر بالنسبة له على الأقل. فهناك مثلا مبرر شرعي يقول: “لا يُقتل مؤمن بكافر”. هذه قاعدة شرعية. يعني إذا قتل مؤمن كافراً لا يُقتل. إذن يجب أن يعاد النظر في هذه القواعد.

أنت من الإصلاحيين ومن المفكرين البارزين في هذا المجال، ماذا يعمل الاتجاه الإصلاحي في هذا الإطار؟ صوتكم في الحقيقة غير مسموع.

د. محمد شحرور: نحن لا نملك قناة تلفزيونية فضائية. القنوات الفضائية مثل “اقرأ” و”المجد الفضائية” هي عبارة عن تهيئة فكرية لهؤلاء المتطرفين.

إلى أين تتجه المجتمعات العربية والإسلامية؟

د. محمد شحرور: هي تتجه مثلما يقولون بالإنكليزي “to no where”. هناك ضياع كامل. هناك أناس يؤيدون الإرهاب والتطرف. هناك من يقول بالوسطية، ثمة من يريد أن يكون هناك أمير للمؤمنين، وهناك من ينادي بالديموقراطية والحرية. كل هذه الأفكار موجودة في الشارع العربي، ولم يتبلور إلا التطرف والسلطات القمعية؛ هذان هما الشيئان الوحيدان المتبلوران.

أحمد حسو، دويتشه فيلله 2004

قنطرة العالم الإسلامي

(1) تعليقات
  1. دكتور ارجو توضيح ما يلي
    ما دام الاسلام اعطى حرية الاختيار للانسان ” فقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر …. ” وايضا “لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ” هل ما قام به الصحابة من غزوات وفتوحات كان خطئا ؟


    الأخ صدام
    الفتوحات تفهم ضمن سياقها التاريخي، لكن بعدها وهدفها سياسي بحت، لا ديني، أي أنها كانت احتلال بالنسبة لسكان البلاد الأخرى، وهذه هي طريقة تشكيل الدول خلال التاريخ وإلى يومنا هذا، فانظر إلى خريطة العالم الآن، سوف ترى اختلافاً كبيراً جداً عما كان عليه منذ مائة سنة.

اترك تعليقاً